بقلم : د/ إبراهيم بن عبدالله السماري
الأولاد نعمة يمن بها الله عز وجل على من يشاء من عباده قال تعالى : (يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير ) سورة الزخرف الآيتان 49و50.
والولد بالنسبة لكل إنسان أمنية غاليـة وسعي دائم لتنشئته وتربيته . ولذا فإن أول مايخطر في ذهن الوالد عندما يرزق بمولود هو تهيئة أفضل السبل لحياة هنيئة كريمة ومتميزة لولده وإن تعب وشقي في سبيل ذلك .
طالعت في إحدى المجلات تقريراً عن المقارنة بين استطلاعين للرأي في الغرب أجري أحدهما سنة 1977م وأجري الثاني عام 1998م واختيرت عينة الاستطلاع من الآباء الذين كان أبناؤهم من الناجحين وممن تجاوزوا سن الحادية والعشرين وممن يشغلون مناصب مرموقة وكان موضوع الاستطلاعين واحداً هو الإجابة على السؤال التالي : تأسيساً على خبرتك الشخصية مع أبنائك ماأهم النصائح التي يمكنك أن تسديها للآباء الجدد فيما يختص بتربية وتميز أبنائهم ؟
انتهى محللو الاستطلاعين إلى أنه برغم الفارق الزمني بينهما – وهو أكثر من عشرين سنة – إلا أنه تبين أن هناك شبه اتفاق على أهم الخطوط الرئيسة في التربية التي ذكرها المستنطقون بالاستطلاعين . وتم تجميع الإجابات واختيرت من بينها النصائح الأكثر تكراراً أشير إلى أهمها باختصار :
النصيحة الأولى : أغدق على أولادك حباً ودعهم يشعرون بمدى حبك لهم . ولكن من الضرورة إشعار الطفل بالأمان بحيث يكون على يقين أنه إذا ارتكب سلوكاً خاطئاً فإن حب والده له لن يتأثر وإنما سوف يسعى إلى إصلاحه فحسب .
النصيحة الثانية : لاتنشغل عن أولادك ؛ إذ يجب أن يحظى كل طفل بوقت كاف من كل من والديه يشعره بالاهتمام .
النصيحة الثالثة : كن مرحاً مع أولادك لأن خفة الظل ضرورية لحفز همم الطفل وإثارة كوامنه .
النصيحة الرابعة : ضع نظاماً للسلوك الأسري على أن يكون مرناً وليس نظاماً صارماً كما يجب في كل الأحوال أن يدعم هذا النظام مبدأ الثواب والعقاب .
النصيحة الخامسة : على الأب أن يمارس سلطاته الأبوية فإلى جانب المرح والحب فإن كلمة " لا " إذا دعت إليها الحاجة تكون ضرورية . ولكن لاتصلح " لا " هذه مجردة بل ليكن الأب على استعداد ليشرح سبب معارضته لرغبة أولاده .
النصيحة السادسة : يجب أن يتعاون الوالدان في تربية ولدهما وأن يساعد الوالد الأم في تربية الولد، وأن لاتظهرأمامه أية بوادر للخلافات بينهما في الرأي أو غيره.
النصيحة السابعة : على الوالدين أن لايعاملا الطفل بأكبر من قدراته . إذا ما أتحت أمام الطفل خيارات غير محددة وفتحت أمامه المجال لتعليقات كثيرة عن نوعية الأكل والملبس مثلاً فإنك تفتح باب شر لن تستطيع إغلاقه فيما بعد . فالوسطية هنا مطلوبة ؛ لأن الصرامة الزائدة لها ضررها والليونة واللطافة الزائدة عن الحد قد يكون ضررها أكبر وقد تفتح الطريق أمام الطفل ليتلاعب بأبويه .
النصيحة الثامنة : أنصت لولدك باهتمام ؛ لأن الإنصات هو مفتاح فهم مشاعر الطفل وإشعاره بأهميته ويشجعه على إبداء مافي جوانحه من هموم وتساؤلات .
النصيحة التاسعة : كن قدوة حسنة لأولادك وحاول أن تكون مثلاً طيباً لهم لاتأمرهم بشيء وتفعل ضده أو تنهاهم عن شيء وتفعله .
النصيحة العاشرة : احرص على تحديد المسئوليات في البيت بحيث يعرف كل شخص واجباته ومسئولياته .
النصيحة الحادية عشرة : على الوالد التدرج في تربية ابنه وأن يكون التدرج مناسباً لسنه ودرجة نضجه وقدراته النفسية والبدنية مع تحميله بعض المسئوليات والمثل الصيني يقول: "بدلاً من أن تعطي ولدك سمكة علمه كيف يصطادها " .
النصيحة الثانية عشرة : على الوالد أن يحفظ كرامة ابنه وأن لايحرجه أمام الآخرين وأن لايسفهه أبداُ وأن يبتعد عن شدة النقد لما يفعله . ولكن بدل ذلك عليه أن يشعره بأنه بذل أقصى جهد ممكن وأنه يمكنه المحاولة مرة أخرى فيما بعد .
النصيحة الثالثة عشرة : على الوالد أن يتحمل تبعات الأبوة متسلحاً بالعلم عن طريق البحث والقراءة في كيفية تربية ولده ؛ لأن خبرات وحكمة الآخرين تفيده جداً وقد تجنبه الوقوع في المواقف المحرجة .
هناك أمران في غاية الأهمية جداً نبه إليهما المشاركون في الاستطلاع وأفردتهما هنا لشدة الحاجة إليهما في مجتمعنا اليوم ؛ فقد ركزوا كثيراً على أهمية الانتماء الديني وأشاروا إلى أهمية اهتمام الأبوين ببعضهما وألا يفضي الاهتمام بالأولاد إلى انشغال أحد الأبوين عن شريك حياته ؛ لأن ذلك سوف يودي إلى خلل في العلاقة الأسرية وسوف يؤثر سلباً في تربية الطفل .
سبب تركيزي على هذين العنصرين أنه في المجتمع الغربي حيث تطحن المادة كل سلوكيات التعامل نجد أن آباء الناجحين والمتميزين كانوا حريصين على تربية أبنائهم تربية دينية وفي أجواء أسرة متعاونة وهو مايحرص عليه الإسلام .
وبالله التوفيق ،،،،