بسم الله الرحمن الرحيم
يعد علم الأنساب عند العرب من أصعب العلوم و أدقها , إذ ينحصر عند بعض النسابين القلائل الذين يورثون هذا العلم لأبنائهم , و أحفادهم من بعدهم , و لذلك فإن علم الأنساب يعتبر من العلوم الخاصة التي يحتكر أسرارها و محتوياتها عدد قليل من الأشخاص المتمرسين فيه , كما أنه من العلوم المحفوظة في صدور النسابين في الغالب , ولم تتح فرصة الكتابة إلا للقليل من الباحثين المعروفين على مستوى العالم العربي .
لذلك فلم يكن أمامنا إلا الاستعانة بكبار السن ممن لهم خبرة بالأنساب إضافة إلى المراجع المعروفة في هذا المجال , حتى لانقع فيما قد يقع فيه البعض من النقل الحرفي عن بعض المصادر المجهولة أو الاستعانة بالأقوال المرسلة التي يكثر فيها الخلط و اللغو وضعف الاعتماد على المعايير الصحيحة في تحديد الأنساب .
فالقبائل لا تنشأ فقط من خلال التناسل كما قد يعتقد البعض , و إنما قد تنشأ نتيجة تحالفات تفرضها ظروف معينة , مثل الكوارث الطبيعية , و الحروب و الصراعات ورغبة العشائر الصغيرة في التخلص من سيطرة القبائل القوية , وقد يكون هناك رباط قربى بين العشائر المتحالفة و قد تكون بعيدة عن بعضها البعض من جهة النسب , ومع مرور الزمن يتحول الحلف الذي قام في مواجهة ظروف معينة , إلى رابطة قوية تماثل رابطة النسب و تعلو عليها في بعض الأحيان , و الأحلاف القبلية من المظاهر المعروفة في حياة البادية العربية , وهو الأساسي إلى هذا الحلف .
وقد أثرنا أن نحدد مصادر نشوء القبائل من حيث التناسل أو التحالف , نظرًا لأن قبيلة بني هاجر يعود أصلها الأساسي إلى تحالف قبلي قديم هو حلف جنب , و الثابت في نسب بني هاجر أنه يعود إلى الضياغم من شريف من عبيدة في حلف جنب أبناء يزيد بن حرب بن علة بن جلد بن مالك بن أدد , ومالك بن أدد هو مذحج بن كهلان .
وعلى هذا الأساس فإن قبيلة بني هاجر تنتسب إلى الضياغم الذين ينتسبون إلى شريف المنتسب إلى عبيدة من حلف جنب من أبناء يزيد بن حرب الذي ينتهي نسبة إلى مالك بن أدد .
قبيلة جنب :
تكونت من حلف قام بين ستة من أبناء يزيد بن حرب السبعة وهم :
1- صداء 2- منبه 3- الحارث 4- الغلي 5- سنحان 6 - هفان 7- شمران
وقد تحالفوا مع بني عمهم سعد العشيرة ابن مذحج ضد أخيهم صداء، وبالتالي فإن أصل هذا الحلف يعود إلى بطن من بطون مذحج الثلاثة وهي :
* بطن جلد بن مذحج الذي يعود إليه الأبناء السبعة الذين دخل ستة منهم في الحلف.
* بطن مراد بن مذحج .
* بطن سعد العشيرة ابن مذحج .
وبطن جلد بن مذجح هو الذي حدث فيه الانقسامات بين الإخوة أبناء يزيد بن حرب بن علة شقيق سعد العشيرة ، حيث انضم الستة من أبناء يزيد بن حرب بن علة شقيق سعد العشيرة في مواجهة شقيقهم وتكونت بذلك قبيلة جنب نتيجة لهذا التحالف القبلي الذي لم يخل أيضا من صلة القربى ، حيث كان أبناء يزيد بن حرب أبناء عمومة لحلفائهم أبناء سعد العشيرة المذحجي ، فأصبحوا يعرفون بجنب بن سعد العشيرة المذحجي .
وقد انتهت رئاسة هذا الحلف الى معاوية بن الحارث بن منبه بن يزيد بن حرب بن علة بن جلد بن مالك (مذحج) بن أدد ، حيث كان لمعاوية الملك في قبيلة جنب ، ثم تزوج بنت المهلهل بن ربيعة التغلبي واسمها المشهور عبيدة تصغير عبده واسمها الأصلي ليلى بنت المهلهل وقد غلب عليها اسم عبيدة لسمار بشرتها وذلك في نجران ، عندما لجاء ابو ليلى المهلهل الى قبيلة جنب بعد طوال رحى الحرب مع أبناء عمومته من بكر بسبب مقتل اخيه كليب من جساس ..
قبيلة عبيدة :
تكون حلف عبيدة من أبناء عبيدة وعبيدة (ليلى بنت الزير سالم أبو ليلى المهلهل ) لأنها تزوجت من معاوية بن الحارث عندما قدم والدها الأمير المهلهل بن ربيعة الى ديار جنب بعد الحروب التي جرت بين قبيلته تغلب وأبناء عمومته قبيلة بكر مدة من الزمن بسبب مقتل اخيه كليب ، فأنجبت ليلى (عبيدة ) من معاوية عددا من الأبناء أصبحوا فيما بعد قبائل وهم : آل عائذ ، آل شداد ، بنو قيس ، آل السفر ، آل الصلت . ويطلق عليهم الأبطن وعرفوا كذلك بالحارث .
وبعد وفات معاوية تزوجت عبيدة من احد أفراد قبيلته الذي تسلم الملك وهو روح بن مدرك بن عبد الحميد بن مدرك بن مالك(مذحج) وأعقبت منه : آل منيف وآل راشد الضياغم وعرفوا بآل عبدالرب ، فتحالف أبناء عبيدة من زوجيها معاوية وروح تحت حلف واحد باسم أمهم عبيدة ، حيث انقسمت قبيلة عبيدة في عصرنا هذا الى ثلاثة أقسام :
1- قبائل ولد الحارث : ومنهم بنوشداد وبنوقيس وبنوطلق والوهابة .
2- قبائل آل صقر : ومنهم آل إسماعيل وآل سليمان وآل عائذ .
3- قبائل جنب : شريف وآل بشر .
وهناك بعض الباحثين الذين يقسمون قبائل قحطان كما يلي :
1- الجحادر : وهم آل جمل وآل محمد.
2- عبيدة : آل علي وآل سليمان وآل معمر ، والمساردة وبنوهاجر و الفهر والحرقان وآل مهدي و آل زهير وآل جرو.
فهذه التقسيمات الحديثة لقبيلتي عبيدة وجنب تجدها مخالفة لتقسيمات النسابة الأوائل ، لأنهم جعلوا حلف جنب متفرعا من عبيدة مع إن الثابت هو العكس وأن حلف عبيدة قد تفرع عن حلف جنب ، وهو مانرجحه باعتباره الرواية الأقدم تاريخيا والأكثر قبولا من الناحية المنطقية .
وقد ذكر عمر بن غرامة العمروي في كتابه ( قبائل إقليم عسير) أن سبب تسمية قبائل مذحج بقحطان هو إن الخليفة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله أمر بتعيين عبدالله الازدي أميرا على عسير وعندما تولى الإمارة وجد قبائل مذحج والقبائل المتحالفة معهم في حالة فرقة وشتات ، وأراد الأمير عبدالله أن يوحدهم وان يجمع شملهم ليكونوا يدا واحدة ، فأمر بأمرائهم وأعيانهم ثم عرض عليهم الوحدة تحت مسمى قبائل قحطان جد العرب ، وعرفت بهذا الاسم منذ عام 125هـ حتى يومنا هذا ..
المصدر : كتاب ( بنوهاجر خلان الاشدة )