بقلم الدكتور / إبراهيم بن عبدالله السماري
عضو مجلس أمناء جائزة ماضي الهاجري للتميز
عضو الجمعية العلمية السعودية للدراسات الدعوية
alsmariibrahim@hotmail.com
مع إطلالة (برج الميزان ) يستعيد السعوديون معاني ( اليوم الوطني) للمملكة العربية السعودية ، وهي مناسبة تقتضي سبر أغوار معانيها ، والفهم العميق لمقاصدها ، ومن ثَمََّ التأمل في التطبيق العملي لهذه المعاني والمقاصد !
المملكة العربية السعودية تتميز عن غيرها من البلدان بأن لها خصوصية مكانية وأخرى خصوصية تاريخية تضفي على هذا اليوم كثيراً من المعاني النبيلة والمقاصد العميقة .
فليس اليوم الوطني في هذه البلاد شعوراً وأحاسيس تُدَّعى ، كما أنه ليس أعمالاً وتجاوزات تسيء للغير وتثير سخط المولى سبحانه وتعالى ، لكنه مقاصد وغايات تناسب خصوصيتها المكانية والتاريخية .
من أنبل المعاني وأعمق المقاصد صدقُ الانتماء لهذه البلاد الطاهرة التي اختصها الله عز وجل من بين بلاد العالم كلها بأن شرَّفها بأن تكون مكاناً لمقدساته ، وتاريخاً يتكرر لأهم عباداته ويتمثل ذلك بوضوح في الحرمين الشريفين والحج ؛ فالانتماء والإخلاص والحب لهذه البلاد واجب شرعي وليس لمجرد التراب والمرابع ، وهذا المقصد لايكون لغير هذه البلاد ، بل إن الله عز وجل جعل حبها في قلب كل مسلم .
فالواجب على أبناء هذه البلاد وبناتها الوفاء لهذا المعنى النبيل والمقصد العميق بأن يسعى كل واحد منهم بمايحسنه ويستطيعه ليكون سبباً في شكر نعمة الله على هذه البلاد بأن يحافظ على أمنها ويسعى لإسعاد إخوانه على هذه الأرض الطاهرة .
ومن أنبل المعاني وأعمق المقاصد ليومنا الوطني أن نستحضر التضحيات التي بذلها مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ورجاله الكرام من الأسر الكريمة التي تتكون منها هذه البلاد في شمالها وجنوبها وشرقها وغربها ووسطها ، فلا تكاد أن توجد في هذه الأرض مدينة أو قرية أو هجرة أو قبيلة إلا وانطلق منها رجال مع الملك المؤسس بذلوا أرواحهم في سبيل تأسيس وتوحيد هذه البلاد الكريمة على أساس شرعي يعيش فيه مواطنوها في ظل كريم يحفظ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وأرواحهم وممتلكاتهم ، ويجمعهم في ظلال الأخلاق الإسلامية الكريمة من العفو والتسامح والإخاء والمودة بين الراعي والرعية ، وهو ماأكده اليوم الوطني الذي يعني توحيد هذه البلاد باسم واحد وقلب واحد وأمل واحد .
اليوم الوطني لبلادنا فرصة سانحة لتجديد الولاء والانتماء لهذه البلاد وللأساس الذي تأسست عليه ، وللمؤسس الذي جمع كلمتها وشَمْلَها على قلب وطن واحد ، بعد أن كانت شذر مذر للتشتت والتناحر .
إن أهم مقصد من المقاصد النبيلة لليوم الوطني أن يتعمق في قوبنا معنى ( الأمن ) الذي كان هو الهدف الأول من أهداف توحيد المملكة العربية السعودية وتخصيص يوم وطني للتذكير به ، فهذا اليوم الوطني الذي شهد توحيد المملكة العربية السعودية ينبغي بل يجب أن يذكرنا بالحرص والتواصي على أمن هذا الوطن الغالي، لاسيما في هذا الوقت الذي يشهد تحولات وأحداثاً سياسية من حولنا تهدد أمننا الوطني ويومنا الوطني ولاسبيل لنا إلا التعاضد والتآلف بأن نكون يداً واحدة وقلباً واحداً لوطن واحد قيادة وشعباً لنسعد في يومنا الوطني دوماً بتوفيق الله عز وجل ومنَّته .
كما أن من أهم تلك المقاصد والمعاني أن يكون كل واحد منا ـ ذكوراً وإناثاً ـ مشاركاً وفاعلاً في حفظ مقدرات الوطن ، إن كان معلماً أو معلمة فبالحرص على تميز الطلاب والطالبات في الانتماء والولاء لوطنهم ونفعه في المجالات التي يحسنونها ، وإن كان موظفاً أو موظفة في القطاع العام أو الخاص ـ سيان ـ فبالإخلاص وبذل الجهد لكل مايحقق تنمية هذا الوطن في المجالات المختلفة ، علمية، أو اقتصادية، أو تقنية، أو إدارية، أو غير ذلك، وهكذا كلٌّ في مجال تخصصه وعمله .
على أنه من المهم أن يستقر في قناعاتنا أنه ليس من معاني اليوم الوطني الخروج عن الآداب العامة ولاإيذاء الآخرين أو التخريب عند إظهار فرحنا به ، وليس من معانيه السلبية تجاه التعاون لرفعته تحت طائلة الأعذار التي لاتسمن ولاتغني من جوع، أو المساعدة على نشر الشائعات والمثبِّطات التي تضر أمنه أو تسيء إلى رجاله .
والله ولي التوفيق ،،،،
د / إبراهيم بن عبدالله السماري
صورة من المقال
رابط المقال في جريدة الرياض